الاثنين، 18 يونيو 2012

مقال " شعب الكويت المُقتطع "


رابط المقال منشوراً في جريدة الآن الالكترونية ,



الوطن لا يترسخ بنظرية 'جيت قبلك' !

'شعب الكويت المُـقـتطع' .. بين بيروقراطية السذاجة وسيادة القانون



منذ أن توقفت عن كتابة المقال في 2008 لم تغازلني فكرة العودة إليه أبداً، لكن في الفترة الأخيرة بدأت أناملي تحثني على إمساك القلم مرة أخرى وإفراغ حبر الألم من جوفه كي يطلق صرخته للعلن، صرخة تدوي لمن ألقى السمع وهو شهيد، لمن ما زال في قلبه نقطة بمقدار حبة خردل من بياض.. ما يؤلمني حقاً هو الحرب المستعرة تحت الرماد بين مكونات المجتمع الكويتي الذي كان يضرب فيه المثل في التلاحم والتماسك والألفة سواء طائفيا أو قبليا أو عائلياً، وتبادل هذه المكونات الدورة الحياتية التي نهضت في الكويت خاصة من الخمسينيات وصولا لمنتصف الثمانينيات، ولو ربطنا هذه التفكك لوجدنا أنه جاء مع بداية الحكومة إجراءات التضييق على البدون مما يؤكد أن البدون هم فئة مقتطعة من جسد هذا الوطن تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى، بدأت بالمواطن البدون  لتواصل سريانها وصلاً لما نحن عليه. ورغم أنف العنصري "الوطن يعرف 'عياله'.

الانتماء لمكان ما يسمى'وطن' لا يقاس بورقة يمنحها من وُكّل بذلك فاستغله بسلطة مطلقة عبر مزاجيته.. لا، الانتماء والولاء قول بإثبات فعل عند لزومه. الارتباط بمكان ما يسمي'الوطن' لا يقتضي الولاء والانتماء فيه أن تكون أسس أركانه من عائلة محددة! فكم منهم عبر تاريخ الأوطان القديمة والمعاصرة خان الوطن وأثبت اللاحق ولاءه له..  الوطن 'سفينة' والشعبُ أشرعة، والسفينة بلا أشرعة تمد أجنحتها للريح لتعطيه قبل أن تأخذ لن تصل لشاطيء الأمان لتبدأ مرحلة البناء سعياً لتطوير البشر قبل الحجر. استكمالاً لمفهوم 'الوطن' ووفقاً لما أراه هو أفراد أو مجاميع استقرت في مكان ما لتكون حالة جديدة من العيش وفقاً لما يتفقون عليه ويتناسب مع طبيعتهم. 'الوطن' الذي كوّن كياناً جديداً ليصبح واقعاً متعارفاً عليه من الأوطان الأخرى بما يسمى 'دولة'. هذه الدولة تكونت من جذور متعددة لشعب أضحى يقطنها.

لو أسقطنا الأمر على 'الكويت' ففي تكوينها الأصلي قبل تحقيق كيان الدولة  وقبل عقد الحاكم والمحكوم لتنظيم الحياة سنجد أن أطيافه المختلف النازحة للمنطقة ارتأت ضرورة التنظيم والقيادة بعد أن اتسع المجتمع وبدأ يمتد لأطراف أبعد مما تتطلبه لتسيير شؤونهم الحياتية المختلفة وفقا لقانون ما يحكمها كأي مجتمع آخر.

تنوع وتمازج والتداخل الذي حدث فيما بعد في دولة الكويت من جذور وأصول تلك الجماعات غالبيتها من الجزيرة والعراق وإيران وقلة من أهل الشام. يا الله كم هو رائع هذا الخليط، هذا التعدد في مكونات شعوب الدول المتقدمة المدنية المؤسساتية التي تسير وفقاً لنهج ترسيخ ثوابت المجتمع وتقويته تستغله خير استغلال باتساع الثقافات ودمجها والاستفادة منها لخلق مجتمع يكمل بعضه البعض وهذا ما لم يتحقق هنا للأسف.

 وبناء عليه وبعد تكوين دولة كويتية تحتكم للدستور والقانون بمؤسسات مدنية لم يتقبل البعض الأمر'العنصريون "فاقتطعوا جزء من الشعب غصباً، وهذا الجزء المقتطع من الشعب بمزاجية البعض لأسباب كثيرة سردها يطول، هم من أطلق عليهم الكثير من التسميات تماشيا مع مرحلتهم التي أداروها بمفهومهم وصولا لتسمية 'البدون'، والتسميات المزاجية المتلاحقة التي ما أنزل الله بها سلطان، فهؤلاء هم من نفس مكونات النازحة من الجزيرة و العراق وإيران وقلة من بلاد الشام .

ومن باب القانون وسيادته ومما نستقيه من دولة القانون فإن من يستحق المواطنة من 'البدون'  هم من ذكر في استثناء قانون الإقامة للأجانب في المرسوم الأميري رقم 17/1959 لأفراد القبائل والعشائر الذين يدخلون الكويت براً من الجهات التي تعودوها لقضاء أشغالهم، من كل إجراءات الإقامة وجوازات السفر وسمات الدخول حين تنفيذ الحكومة  الفقرة “د” في تعديل أجري على قانون الإقامة سنة 1987م، ومع هذا فإن إلغاء تلك الفقرة لم يغير شيئا، فهي لم تنص على أنها تسري بأثر رجعي ولم تضف إلى القانون مادة تنص على إلغاء المركز القانوني الذي نشأ في ظل المادة “ش25”، وحتى يتم التعديل على قانون إقامة الأجانب فإن أحكام الإبعاد المقررة في قانون إقامة الأجانب رقم “17” لسنة 1959م، لا تنطبق على “البدون” أو غير محددي الجنسية ولا يوجد أي نص قانوني آخر يحكم وضعهم القانوني، ومن ثم فلا يجوز إبعادهم طبقا للقانون كما أوضح ذلك الدكتور رشيد حمد العنزي وفق دراسة قانونية أكاديمية نشرت عام 1994.

...

شعب البدون المقتطع من الوطن بيد الطبقة الإقطاعية ببيروقراطية السذاجة وفقا لما ذكرته بمفهومه أحق ممن يدعي الانتماء وفقاً لنظرية 'جيت قبلك'.

نقول لهم نعم 'البدون' جذورهم وأصولهم من السعودية والعراق وإيران ودول الشام كأنتم.. ما العيب ! وطننا 'الكويت' سَبَقَنا إليه القليل  وسَبَقْنا الكثير إليه.

...

هناك تعليق واحد: